عاجل آخر الأخبار
مباشر
wb_sunny

خير عاجل

الفاعل السياسي و استراتيجية الالتفاف على النقد والمساءلة بالتفرقة وصناعة الصراعات

الفاعل السياسي و استراتيجية الالتفاف على النقد والمساءلة بالتفرقة وصناعة الصراعات

بقلم : الخدير لغرابي 

في عالم السياسة، لا شيء يزعج الفاعل السياسي أكثر من النقد، المعارضة، والاحتجاج، فهذه العناصر الثلاثة تمثل تهديدًا مباشرًا لصورته ووجوده في مركز القرار. لهذا، يلجأ بعض المسؤولين إلى استراتيجيات خبيثة للالتفاف على هذه التحديات، من أبرزها إشعال الخلافات بين مكونات المجتمع المدني، وتغذية الصراعات المصطنعة، في ما يشبه (حربًا بالوكالة)، حيث يدفع الأطراف إلى التناحر فيما بينهم بينما يظل هو بعيدًا عن خط النار .

عندما يتعرض المسؤول السياسي للنقد، أول ما يلجأ إليه هو جيش المصفقين و خدمات المطبلين، وهم أولئك الذين يبررون له أي تصرف، مهما كان مجحفًا أو غير منطقي، بل ويحوّلونه إلى (إنجاز) يستحق التصفيق. لكن في الحالات التي يكون فيها النقد قويًا ولا تجدي معها هذه الأساليب، يُشعل فتيل الصراعات بين الفاعلين المدنيين، ويفتح المجال أمام معارك جانبية لا تخدم سوى بقائه بعيدًا عن دائرة الاتهام.

بدل أن يكون في موقف الدفاع عن سياساته، يدفع ببعض المجتمع إلى تبني حرب بالوكالة او كما يقال في المثل العربي (أكل الشوك بفم الجمل)، حيث يُورّط فئات منه في صراعات لا تعنيهم مباشرة، بينما يظل هو في مأمن، يراقب المشهد، ويستفيد من التشرذم والانقسام.

وقد أنفسنا أمام طرفين يتواجهان دون سبب منطقي، بينما كان يجب أن يكون الطرف الوحيد في موضع المساءلة هو المسؤول عن الأزمة؟ في كثير من الأحيان، يتم إعادة توجيه الغضب الشعبي نحو جهات لا علاقة لها بالمشكلة الأساسية، مما يحوّل النقاش من قضايا حوهرية إلى مشاحنات شخصية فارغة.

هكذا، نجد طرفًا يرد على اتهام لم يوجّه إليه أصلاً، بينما المسؤول الحقيقي عن المشكلة ينجو دون مساءلة، متفرجًا على الصراع الذي صنعه بنفسه.

 هذه السياسة ليست جديدة، بل هي تكتيك قديم، يعتمد على تحويل التركيز من الفشل السياسي إلى صراع بين مكونات المجتمع المدني ، حتى لا يبقى هناك إجماع على مساءلته.

ليس هذا فقط، بل تمتد هذه الممارسات إلى مجالات أخرى، مثل المجال الرياضي. حين تُطرح أسئلة مشروعة حول تدبير مرفق معين، بدلاً من تقديم إجابات واضحة، يتم التلاعب بالمشهد ليصبح خلافًا بين أطراف لم تكن أصلاً على خلاف.

 فيتحول خطاب كان من المفترض أن يكون رياضيًا أو تنمويًا إلى خطاب مليء بالتهم والبهتان، بينما يبقى الفاعل السياسي بعيدًا عن دائرة المساءلة، مستفيدًا من حالة الانقسام.

إن التحدي الأكبر أمام المجتمع المدني اليوم هو الوعي بهذه الأساليب ورفض الانجرار وراء الصراعات الوهمية. وحدة الصف والتشبث بالقضايا الحقيقية هما الوسيلة الوحيدة لكشف هذه المناورات السياسية. 

عندما يدرك المجتمع أن الخلافات التي يتم دفعه إليها ليست سوى (ألغام سياسية) تهدف إلى تشتيت انتباهه، ستنتهي لعبة التفرقة، وسيجد الفاعل السياسي نفسه مضطرًا لمواجهة الحقيقة وتحمل المسؤولية.

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن المعركة الحقيقية ليست بين أفراد المجتمع المدني، بل بينهم وبين الفساد، وسوء التدبير، وغياب العدالة في توزيع الفرص.

Tags

المتابعة عبر البريد

اشترك في القائمة البريدية الخاصة بنا للتوصل بكل الاخبار الحصرية