إيداع قا-تل ابنه بمستشفى الرازي للطب النفسي برشيد
المحكمة اقتنعت بأنه غير سوي عقليا فأسقطت عنه المتابعة وأودعته للعلاج
أسقطت هيأة حكم لدى محكمة الاستئناف بالجديدة، أخيرا، المتابعة في حق والد خنق ابنه حد الموت في السابع عشر أكتوبر من 2021 بسيدي بنور، عندما اقتنعت أنه لم يكن متمتعا بقواه العقلية لحظة إتيانه جرمه الذي هز دوار الشمامات بالجماعة القروية العطاطرة المتاخمة لسيدي بنور.
وكان الأب المتابع على ذمة قضية قتل ابنه البالغ خمس سنوات، عوقب من قبل غرفة الجنايات الابتدائية ب25 سنة سجنا نافذا، عندما ظهر لهيأة الحكم التي أدانته بهذه العقوبة، أنه كان يدرك تماما أفعاله وبالتالي فإن مسؤوليته تبقى قائمة لحظة اتخاذه قرار تصفية فلذة كبده بطريقة بشعة، لما وضعه عنوة في ” بانيو” ملئ بالمياه وكتم أنفاسه حد تحوله جثة هامدة بدون حراك.
وأكد دفاعه الذي انتصب ابتدائيا مؤكدا بأنه يعاني خللا عقليا وغير مدرك تماما لأفعاله، وبالتالي يتعين الأخذ بعين الاعتبار وضعيته العقلية، وبدل معاقبته عرضه على خبرة طبية للتأكد من أنه فعلا لم يكن واعيا بفداحة الفعل الذي أقدم عليه، سيما ضد ابنه الذي ظل يكن له حبا كبيرا، حتى بعد طلاقه من شريكة حياته.
لكن هيأة الحكم اعتبرت أن المتهم لم يظهر عليه إبان إجهازه على ابنه، ما يفيد قطعا انعدام قواه العقلية وبالتالي آخذته على فعله وعاقبته بالحكم السالف الذكر.
وعلى خلفية الحكم الابتدائي واصل دفاع الأب المتهم مسارا شاقا لإثبات مرض موكله، وذلك باستئناف حكم غرفة الجنايات الابتدائية، واستصدار قرار من غرفة الجنايات الاستئنافية يقضي بعرض الأب على خبرة طبية ثلاثية للتأكد من سلامة قواه العقلية.
وبعد فترة دامت أكثر من سنة صدرت النتيجة النهائية للخبرة السالفة الذكر. وكان قرار ثلاثة أطباء مختصين من المؤسسة الاستشفائية ببرشيد، أكدوا فعلا أن الأب القاتل لم يكن عاقلا لحظة خنق ابنه، وأنه كان منعدم القوى العقلية .
وكانت تلك الخبرة كافية لتقتنع محكمة الدرجة الاستئنافية، أن الماثل أمامها كان منعدم التمييز في أفعاله لحظة ارتكاب جريمته التي هزت سيدي بنور، وبذلك حسمت تلك الخبرة طبيا في انعدام مسؤوليته عما ارتكبه من أفعال، وقطعت الشك باليقين أنه لم يكن أبدا منقوص القوى العقلية، ما يدفع إلى تصنيفه في خانة ذوي الجنون المتقطع الذين عادة لا يشملهم قرار حكم بإسقاط المتابعة عنهم.
وكان دفاع الأب المتهم عزز نتيجة الخبرة، بملف طبي سابق يفيد بأن المتهم كان مختلا عقليا ويواظب على العلاج، وطالب بدل استمراره بالسجن المحلي بسيدي موسى، إيداعه مؤسسة استشفائية مراعاة لما يحمله من مرض هو بحاجة إلى علاج
وبعد المداولة اقتنعت المحكمة فعلا بأنه لحظة جرمه لم يكن واعيا بما يفعله، لذلك أسقطت عنه المتابعة وأمرت بإيداعه مستشفى الأمراض العقلية ببرشيد إلى حين شفائه.
يذكر أن استئنافية الجديدة سبق لها إصدار أحكام مشابهة خاصة بإيداع امرأة ببرشيد، رمت طفلتيها من الطابق الرابع، وشخص كان قتل ثلاثة ضحايا بمتوح شفي الآن وعاد إلى حياته العادية، وشخص آخر قتل شابا بأحد أولاد افرج، أما قبل تسعة أشهر فقد رفضت تمتيع “سفاح” القدامرة الذي أجهز على 10 اشخاص دفعة واحدة بالامتياز الطبي نفسه، واعتبرته منقوص القوى العقلية وليس منعدمها، وحولت الحكم الابتدائي عليه بالإعدام إلى المؤبد.