رجال من أولاد حريز عاشوا السياسة في زمن عدي أوبيهي وهو يغادر الإقامة الجبرية ببرشيد
بقلم: الجيلالي طهير
السياسي بالأمس ، فضلا عن رصيده الثقافي والاجتماعي، كان يولد مع الأحداث والحوادث الكبيرة ويتعلم منها، مثلما ما كان يستفيد من تجارب الكبار ومن أخطائهم التي تعلم الحذر والاحتياط من تقلبات الزمان، من الصعب العثور حاليا على سياسي حقيقي عند أحزاب الأنابيب التي ترضع الكهول السياسة وهم في خريف العمر.
مناسبة الصورة توديع الزعيم القبلي الأمازيغي عدي اوبيهي وهو يغادر الإقامة الجبرية التي خضع لها ببرشيد خلال مدة حوالي تسع سنوات. على يساره يظهر الشاب أحمد الوزاني وخلفه عمه الحطاب، والعربي فهمي، وأحمد فهمي رحمهم الله.
كان عدي اوبيهي يحكم منطقة كبيرة في شرق جنوب المغرب على عهد الحماية. وعندما قررت السلطة الفرنسية تقسيم المنطقة إلى أربع قيادات، عبر عن غضبه بالقدوم إلى حفل تنصيب القياد الجدد، مصحوبا بكلب علق في عنقه وسام الشرف الذي كانت منحته له السلطة الفرنسية.
قيل بأنه مجنون وأرسل إلى برشيد حيث وضع تحت الإقامة الجبرية بأحد المنازل المتاخمة للزاوية التيجانية بحي القيصارية، بعد حصول المغرب على الاستقلال، عين عاملا على تافيلالت فمنع رجال حزب الاستقلال من مزاولة أنشطتهم بمنطقته وأخذ يبيتهم في زريبة البهاءيم ليلا ويطردهم في الصباح.
في ظل الصراع القائم بين الحزب الفاسي الذي كان يريد الحكم لوحده باسم الوطن، والقطب الأمازيغي المدافع على استقلاليته وخصوصيته، سيعلن عدي اوبيهي التمرد على السلطة المركزية وسيرسل له ولي العهد مولاي الحسن مفاوضين عسكريين يطلبون منه تسليم نفسه مقابل الأمان.
خلال تلك الظروف المتضاربة التي ينظر إليها كل واحد من زاويته الايديولوجية، سيتم اعتقال الزعيم الأمازيغي والحكم عليه بالإعدام.
وفي سنة 1961 توفي على الأرجح مسموما على الرغم من صدور عفو ملكي في حقه، أقيمت له جنازة مهيبة، ومنحت وفاته جرعة كبيرة للمكون الأمازيغي الذي سيحظى بتأسيس حزب يمثله بالحكومة، وهو الحركة الشعبية.