سأحكي لكم عن طلبة أولاد سعيد والنواحي ، من زمن الستينات.
برشيد نيوز: متابعة
ألف تحية وتحية ، لكل برشيدي وبرشيدية ،سأحكي لكم عن أولاد سعيد الناحية برشيد ، من زمن الستينات أو ما يزيد ، حكاها المنوني من الذاكرة ، من أيام الكفاح العاطرة ، كان أبناء ابن رشد الإعدادية ، معظمهم من برشيد الناحية أولاد اسعيد ،الكارة .. والكل من أدنى الطبقات ، في بداية السنة الدراسية .
ياتي الآباء والأبناء من الضاحية ، فيكترون لهم الريدوات ، ويتركون لهم الطعام والأقوات ، فاتخذت لي منهم أصدقاء ، وكنت أزورهم كل مساء ، إما لمراجعة جماعية للمقرر ، أو شرب كأس شاي مشحر ، فالريدو إلى المنتصف نازل ، والنصف مغطى بإزار عازل ، لاتقاء نظرات فضول المارة ، ولفحات برد المساء الضارة ، في زاوية تزاحمت أغطية الصوف ، وفي الأخرى دفاتر الكلمات والحروف ، وفوقها كتب مستعملة ، هناك في الركن مهملة ، اشتروا أغلبها من زروقي القيسارية ، بائع الأدوات والكتب البالية ، وعند المدخل أدوات المطبخ وفرن الغاز ، وقت الجوع تساعد على الإنجاز ، وفي الوسط مائدة صغيرة خشبية ، من سوق الإثنين الأسبوعي مشرية ،تستعمل للأكل وقت الطعام ، وللمراجعة وحل الفروض قبل المنام ، في الليل يستمدون من الشمع الضياء ، لأن السكنى تفتقد الماء والكهرباء ، أما المراحيض فعنها لا تسل ، إذ لا وجود لها في هذا المحل ، أما لو رأيتهم ذات صباح زمهريري ، حيث تسقط الأمطار وربما التبروري ، فالبستهم كالعادة صيفية ، والمحظوظ منهم لابس جلابية ، كل منهم يفرك يديه ، لعل الدفء يتسرب إليه ، فالأنف كالصنبور يسيل ، أما السعال فحاصل تحصيل ، رغم كل هذا البؤس ، فإنهم يستمدون القوة والبأس ، كلما كان للامتحان اجتياز ، حصلوا على نقط الامتياز ، وأذكر أحدهم في نهاية الأسبوع ، قصد حطتهم في تلك الربوع ، فبدلا من حفظ المحفوظات ، طالبه الوالد بمسك المحراث .
ويوم الاثنين عاد إلى برشيد ،ليلتحق بالإعدادية من جديد ، راكبا
دراجة بلا فرامل ، لمسافة عشرين كيلو مترا بالكامل ، ولسوء طالعه هذا
النهار ، كان أول من طلب منه الأستاذ الاستظهار ، لكن المفاجأة الكبيرة ،
استظهر النص بطريقة يسيرة ، سألته عن الأمر الذي لا يحتمل التصديق ، أجاب
حفظت فوق الدراجة أيها الصديق ، قطعت عشرين كيلومترا في ساعة ، خلالها
تكونت لي تلك النجاعة ، واليوم أعرف معظم هؤلاء الأحرار ، يتبوؤون مناصب
القرار ،
فما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا .
عبدالله الحريزي النص بالفرنسية عن محمد المنوني .