هل تسد اكتشافات الغاز في مناطق المغرب حاجيات المملكة؟
و م ع: “حسن” ابن واحة اولاد شاكر بمنطقة أوفوس القريبة من مدينة الرشيدية، لا يأبه لأصناف التمور الموجودة في الأسواق، فهو يعتبر أن “المجهول” هو المنتوج المفضل لكي يبدأ إفطاره الرمضاني الذي وضع مائدته في فناء المنزل الواقع في هذه الواحة الغناء.
“المجهول” بالنسبة لحسن ليس تمرا محليا فقط، بل هو عنوان “محبة” لصنف تربى على استهلاكه لكونه الأجمل في شكله والحلو مذاقه، والمنتشر بكثرة في واحات اولاد شاكر الغنية بأراضيها ونخيلها الذي يغطي نسبة هامة من مساحتها الكبرى.
ويقوم هذا الشاب، الذي يعمل في واحة أجداده، على تنقية أعشاش النخيل، واختيار أجود تمور المجهول بغية تسويقها بشكل جيد لأنها تعرف إقبالا كبيرا في المناسبات والأفراح وفي الاستقبالات المختلفة.
ولم يأت هذا الاهتمام من فراغ، بل إن صنف “المجهول” يعد الأكثر زراعة في واحات نخيل جهة درعة تافيلالت، حيث يمثل 19 في المائة من الإنتاج، يليه صنف “بوفكوس” بنحو 16 في المائة.
وهو ما أكده المهدي مجبر، الذي يبيع التمور منذ 34 سنة في أسواق جهة درعة تافيلالت، بالقول إن “المجهول” يحظى بالأولوية لدى المستهلكين الذين يختارون الأجود منه، حيث يشمل العديد من الأصناف المعروفة لدى محبي هذه التمرة “الطيب أهلها”.
وعزا مجبر هذه الوتيرة الجيدة إلى الثقة التي يحظى بها هذا الصنف والبائع المنتمي لهذه المنطقة من التراب المغربي، مشيرا إلى أن كمية المعروض من المجهول بدأت ترتفع نظرا لدخول ضيعات جديدة في الإنتاج والتي أحدثت نوعا من التوازن بين العرض والطلب، مقارنة مع التمور التقليدية.
وبحسب معطيات فلاحية، فإن المناطق الجديدة لغرس أشجار النخيل بمحور مسكي-بوذنيب (ضواحي الرشيدية) تساهم حاليا في الرفع من الإنتاج المحلي والوطني، فمساحة واحات النخيل بجهة درعة تافيلالت تبلغ أكثر من 52 ألف هكتار، منها نحو 9 آلاف هكتار دخلت على خط الإنتاج بحوالي 15 في المائة، إذ يبلغ العدد الإجمالي للنخيل بالجهة 5 ملايين و245 ألف نخلة.
وتعتبر جهة درعة تافيلالت، لاسيما منطقة بوذنيب، مهد تمر المجهول، الذي تسارعت وتيرة زراعته عبر العالم.
وشدد مجبر على أن تمر المجهول له رونقه الذي يستمده من نوعيته ومذاقه وشكله الخارجي المبهر الذي يساعد في تقديمه خلال الحفلات والمناسبات العائلية والوطنية.
نفس الأمر خلص إليه محمد الديوري، الذي يبيع التمور بأنواعها وسط مدينة الرشيدية، والذي تحدث عن كون “المجهول” يعد الصنف الأول الذي يسأل عنه، مشيرا إلى أن أصنافه متعددة حسب شكله وحجمه.
وذكر أنه يعرض بأثمنة مناسبة للجميع، حيث الإقبال يكثر على الحجم المتوسط، معتبرا أن هذه الفاكهة هي “الأجود والأفضل بالنسبة لسكان المنطقة وزوارها”.
ويشتهر سكان هذه الجهة باستهلاك هذا الصنف المحلي، الذي أصبح له صيت عالمي، لأن المنطقة هي موطنه الأصلي، لاسيما في درعة والمنطقة العليا لوادي زيز.
هذا الإقبال يعزى أيضا إلى السمعة التي اكتسبها على مر السنين، وللتسويق المسبق للإنتاج المرتقب للضيعات الجديدة التي ستساهم في الرفع من الإنتاج المتوقع من تمر “المجهول” إلى نحو 60 ألف طن سنويا، وذلك رغم التحديات التي يواجهها من حيث المنافسة الكبيرة مع الدول التي بدأت تنتجه، والتغيرات المناخية المؤثرة على أشجار النخيل، والمعايير الجديدة في السوق الدولية، وكذا عدم انتظام نسبة الإنتاج من سنة لأخرى.
كما حاز هذا الصنف من التمور الشهرة الوطنية والدولية، من خلال طرق تقديمه للزوار والمستهلكين وإبداع ترتيبات جديدة تساعد في تثمينه والرفع من رونقه وجاذبيته، خاصة عبر إضافة مواد إليه قصد الاستهلاك
مارية هند جسوس، وهي مديرة شركة للخدمات وتنظيم المناسبات الكبرى، أشارت إلى أن المستفيدين من خدماتها يفضلون تمر “المجهول”، وهي تحبذ تقديمه لهم، لأن له رونقا خاصا وجذابا يغري كل الزوار.
وشددت على أن هذا التمر “عروس المائدة” في المغرب والعالم العربي، نظرا لفوائده الغذائية والصحية ومردوده التجاري الكبير، خاصة إذا أضيفت إليه بعض المواد، مثل اللوز والجوز، مشيرة إلى أنه أصبح متواجدا طوال السنة ولا يقتصر على موسم جني التمور، مما يساعد على التنظيم المحكم للتظاهرات والمناسبات التي “يتسيد” فيها المائدة كفاكهة جافة صحية، وهو “اختيار جيد للهدايا في المناسبات العامة والخاصة”.
وكشفت أن المواد التي تضاف إليه مع تعليب مميز ووسائل تقديم تقليدية، ترفع من قيمته وتجعله يحظى بالأولوية، مفضلة “اختيار المجهول لمذاقه وفخامته ولأن الزبناء يحبذونه أكثر من الأصناف الأخرى، خاصة الذي يجلب من زاكورة وأرفود”.
ويتميز هذا الصنف من التمور بشكله المتوسط البيضاوي الممدد ولونه البني الداكن، ويتم جنيه من أشجار نخيل بسعفة قصيرة وإنتاجية جد مرتفعة، حيث يمكن غرسه بكثافة.
ورغم أن الواحات المغربية تضم أكثر من 450 نوعا من التمور ذات الأشكال والأحجام المختلفة (مثل بوفكوس والجيهل والخلط)، إلا أن صنف “المجهول” يظل المفضل لدى الجميع ويأتي في المرتبة الأولى في السؤال عنه بالأسواق المغربية، لاسيما في درعة تافيلالت.