المسجد الاعظم، ما قبل زمن
بقلم: الجيلالي طهير
تم وضع الحجر الأساس للمسجد الاعظم ببرشيد، بأحدث المواصفات المعمارية سنة 1948، وجرى تدشينه، فوق أعلى ربوة بالمدينة، يوم الجمعة ظهرا، بتاريخ 18 غشت 1950، من طرف المغفور له الملك محمد الخامس.
بعد أيام قليلة من عودته من العطلة الصيفية، التي قضاها بالواليدية، توجه العاهل المغربي في زيارة رسمية لمركز برشيد التي دخلها في موكب كبير، تتقدمه الدراجات النارية، حوالي الساعة الثانية عشرة منتصف النهار.
لم يكن دخول المدينة بالأمر السهل لتدافع المواطنين، كبارا وصغارا، احتشدوا على طول الطريق الرئيسية مديونة، حيث نصبت السلطات المحلية قوس النصر بالقرب من النقطة الكيلومترية 3.
في احتفال ترحيبي غير مسبوق، كان المواطنون يتحدون الحواحز والأسوار الأمنية، من أجل الاقتراب من العربة الملكية، رغم التنظيم المحكم الذي سهر عليه المسيو كابالي، المراقب العام مدير مصلحة الأمن الجهوي، مستعينا بفرقة من لمخازنية، والجندرمية المحليين، وقوات أمنية تابعة لمدينة الدار البيضاء.
ومن داخل سيارة الجيب المكشوفة، كان العاهل يرد بالتحية على الجماهير الغفيرة، وإلى جانبه الأمراء مولاي الحسن ومولاي عبد الله، على المقاعد الخلفية، بينما كان الطاهر معاوي خليفة لفقيه المعمري، المترجم الملكي، يجلس على يمين السائق.
عدد من رموز المخزن السامي كانوا يتبعون المركبة الملكية على متن سياراتهم الخاصة، من بينهم الباشا لكلاوي، ومولاي العربي العلوي باشا سطات، واحمد المقري باشا الدار البيضاء، والحاج احمد بركاش، القاضي الأزموري، والحاج عبد السلام بن عبد الصادق باشا مديونة، والتهامي المقري وزير المالية، وصالح المذكوري خليفة باشا الدار البيضاء، والحاج الفاطمي بنسليمان باشا فاس، ومولاي الحسن العلوي ناظر الاحباس الكبرى بمكناس، الخ.
توقف الموكب الملكي برهة بمدخل المدينة حيث قدم لجلالته التمر والحليب، على الطريقة المخزنية، من طرف وفد المستقبلين، على رأسهم بونيفاص حاكم جهة الدار البيضاء، والمسيو مينيون رئيس ملحقة برشيد، والباشا محمد برشيد وخلفاؤه، ونخبة من الأعيان المحليين.
وتوفف مرة ثانية عند وصوله إلى ساحة فرنسا (ساحة الاستقلال)، التي كانت تغص بالجماهير، حيث جرى الترحيب على الطريقة العصرية، أمام مكتب المراقب المدني، من طرف فتيات قدمن له باقة من الورود.
ووسط سيل من الهتافات والزغاريد، استنانف الموكب مسيرته، مخترقا سلسلة من فرسان الشاوية، ممتطين خيولهم المسرجة، وقد اصطفوا على طول الطريق المؤدية لدار الباشا بالقصبة الجديدة.
هناك، استقبل العاهل ممثلين عن المعمرين الفرنسيين بأولاد حريز، وبعد أخذ قسط من الراحة، ( وتجديد الوضوء بالنسبة للبعض)، عاد الموكب الملكي من جديد إلى مركز برشيد على الساعة الثانية زوالا، ليبارك جلالته المسجد الأعظم بتأدية صلاة الجمعة، بينما تولى خطبة الجمعة السي ادريس بلخدير قاضي برشيد.
بعد الصلاة ومغادرة المسجد، نزل الموكب، ويرافقه الحاكم بونيفاص، في ضيافة الباشا محمد برشيد بالقصبة الجديدة، حيث نحرت الخراف تعبيرا عن الفرحة وترحيبا بالزيارة.
وعلى الساعة السادسة بعد الزوال، ترك الموكب مركز برشيد صوب العاصمة الاقتصادية، في الوقت الذي تواصلت فيه الاحتفالات، التي تزامنت مع الموسم الصيفي لاولاد حريز، بواسطة ألعاب الفروسية، استمرت لاسبوعين.