الكاب، تاريخ لا يصنع تواريخ
بقلم طهير الجيلالي
صُممت سنة 1927 لصنع ذاكرة رياضية في الوعي الجمعي ببرشيد، ولكنها ستظل تخفي أزمة هوية بالنسبة لفريقها الكروي الذي لا يزال يبحث عن نظامه الاساسي! سؤال: أيهما يصنع الآخر، الماضي أم الحاضر؟ الفريق الحريزي الذي تجاهل تكريم رموزه الكروية، اثناء الاحتفال بصعوده الى قسم الصفوة، قبل سنتين، لا علاقة له بتاريخ تأسيس الكاب، وكتابة هذا الرقم على جدار ملعبه وحدها غير كافية لملأ سنوات طويلة من الفراغ.
من المؤكد أن النادي الفرنسي في لحظة ولادته الثانية سنة 1927، كان يقتصر على تأطير الرياضات الفردية للكرة الحديدية، والرماية، وكرة المضرب، والعدو الريفي. ومن أجل إضافة رياضة الغطس، التي نافس عليها الشاب كوردينا في البطولات الجهوية، تطلب الأمر إجراء تعديل على القانون الأساسي .
سنبتعد قليلا عن تاريخ هذا النادي ونضيء على جنباته من بعيد ببعض التجارب التي شهدتها بعض النوادي في المراكز المجاورة. كان النادي الرياضي لمركز بوشرون عند تأسيسه يقتصر على كرة المضرب، وفي سنة 1941 أجرى تعديل على نظامه الأساسي سمح بإدراج الكرة الحديدية وكرة السلة في بنوده.
أصبح النادي يحمل اسم A.S.B عوض T.C.B ولم يكن به فرع خاص بكرة القدم. لقد كان يصعب تجميع العدد الكافي من اللاعبين من أجل خوض المباريات الجماعية، وكانت اللقاءات، التي تشارك فيها الفرق الصغيرة، يطغى عليها الاعتذار forfait. الممارسة الرياضية في حد ذاتها كانت حكرا على الأوروبيين دون سواهم، لأن ظهير 1936 كان يمنع على المغاربة الانخراط في الجمعيات الرياضية تحت طائلة العقوبات السجنية والغرامات.
ولما انتشرت لعبة كرة القدم، خلال الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، عند المغاربة، تم السماح لبعض الأعيان الذين لا يزعجون السلطات الفرنسية بتأطير الفروع الخاصة بكرة القدم. ففي سنة 1950، على سبيل المثال، أسندت الرئاسة الشرفية للجمعية الرياضية بن احمد A.S.B.A إلى رجل السلطة المحلية الفرنسي وتم تعيين القائد عبد السلام العربي نائبا له.
كان الرئيس الفعلي للجمعية هو الدكتور مانكين، والنادي يضم أربعة فروع، وهي كرة المضرب، كرة السلة، الكرة الحديدية، كرة القدم ، على رأس كل فرع شخصية فرنسية باستثناء فرع كرة القدم الذي أسندت رئاسته للخليفة محمد ولد القايد حسن.
وبمركز برشيد، اكتفى الجمع العام لنادي الكاب، تحت رئاسة كونجو سنة 1939 بمناقشة إحداث فروع جديدة مختصة على سبيل التجربة. في السنة الموالية اندلعت الحرب العالمية 1940- 1945، واثرت سلبا على الأنشطة الرياضية.
فقدت الجمعية الرياضية السطاتية، فرع كرة القدم، عميدها وقلب هجوم الفريق عمرو بن امحمد، الذي سقط في جبهة القتال بإيطاليا سنة 1944. بعد نهاية الحرب، شهدت الساحة ولادة العديد من الفرق الكروية التي تلعب في قسم promotion، برز من بينها الفريق التابع لنادي الكاب في عصبة الدار البيضاء.
في الموسم الرياضي 1949 انتصر على فريق الكوكب المراكشي، من عصبة الجنوب، في مباريات التصفية المؤهلة للصعود للقسم الثاني pré honneur ، ولكنه انهزم في مباراة السد الأخيرة أمام النادي القاسمي، من عصبة الشمال، في مباراة مجنونة جمعت بين الفريقين بمدينة لرباط ( انظر الموضوع السابق). وفي الاقصائيات المتعلقة بكأس افريقيا الشمالية 1950، فاز النادي المكناسي USDM على الوداد البيضاوي WAC، بطل المغرب، وتجرع العلقم على يد الكاب CAB في عقر داره بمكناس، ولم يتنفس الصعداء إلا في الدقائق الاخيرة من الأشواط الإضافية.
كان الفريق المكناسي يتكون في غالبيته من لاعبين فرنسيين (8 من أصل 11)، من بينهم عسكريين، واتخد الصراع أبعادا عرقية أمام لاعبي فريق الكاب الذين كانوا كلهم مغاربة ( الأهالي). منذ الدقائق الأولى، سجل المهاجم المكناسي جيسبير الإصابة في شباك بريقة حارس الكاب. وعادل خليفة النتيجة مسجلا في شباك الحارس المكناسي مامان.
انتهى الوقت الرسمي بالتعادل ولجأ الفريقان إلى الأشواط الإضافية. وفي الدقيقة 105 صفر الحكم ضربة جزاء ضد البطاش مدافع الكاب، سددها المهاجم صالفادور بنجاح.
اندفع لاعبو الكاب نحو الهجوم، من أجل لعب الكل في الكل، وتمكن جيسبير من قتل المباراة بإضافة الإصابة الثالثة في الدقيقة الأخيرة. هكذا ختم المراسل الرياضي للفريق المكناسي تعليقه على المباراة:
"Plus athlétiques, constamment sur la balle, pratiquant un jeu aérien remarquable, les visiteurs ont laissé à Meknès une belle impression".