كاريان الصخر بحد السوالم....قطعة من جهنم
قطع قزدير متداخلة فيما بينها ، أزبال موزعة بفوضوية مفرطة ، أحياء ضيقة لا تكاد تتسع لشخصين متوسطي الحجم ،نساء قد نال منهن الزمن تشهد تقاسيم وجههن على عمر مليئ بالقهر والتعب يجلسن أمام أبواب بيوتهن متأملات الفضاء الرحب أمامهن في شرود ، يزين هذا الفضاء الموحش أطفال في سنوات عمرهم الأولى يجرون في فرح صادق غير مصطنع و في كل حركة من حركاتهم تظهر ذيول البؤس الذي يلاحقهم منذ نعومة أظافرهم .. هنا حيث لا وجود للطابليت ولا للبلايستيشن ، وحده التراب الممزوج بالماء وبعض الكرات الممزقة من تتربع على رأس وسائل الترفيه المتاحة .
المكان ليس قرية واقعة على سفح جبال الأطلس وليس مخيما للاجئين السوريين النازحين من بؤر الحرب ؛ إنه كاريان "الصخر"(وهو المكان الكثير الصخر حسب معجم المعاني الجامع ) بمدينة حد السوالم التي تقع في الطريقة الرابطة بين مدينتي الدار البيضاء والجديدة بإقليم برشيد .
يحوي دوار الصخر مايقارب ست مئة عائلة تعيش على الهامش المظلم من الحياة حيث يعتبر الحق في الحصول على سكن لائق يصون كرامة الفرد طموحا كبيرا يستلزم همة عالية و اشتغالا مستمرا لتحقيقه ؛ ذلك أن ساكنة دوار الصخر تفتقد لأتفه شروط العيش الكريم في ظل غياب قنوات الصرف الصحي والربط بشبكة المياه الصالحة للشرب حيث تستعين الساكنة على محاربة العطش بسقايات"عوينات" لا يختلف إثنان على أنها غير كافية لتلبية الحاجة اليومية إلى الماء ؛ هذه المادة الحيوية التي لا تستقيم الحياة بدونها ، ويزيد الأمر تعقيدا التزايد الملحوظ في نسبة الملتحقين بالكاريان .
"هاحنا ابنيتي صابرين تايحن الله" قالت سيدة في عقدها السادس وهي تعقب على الوضع الكارثي الذي يتخبط فيه القاطنون هنا ، تقول نحن نعيش الجحيم في فصل الشتاء فإذا كان غيرنا ينتظر هطول المطر بنفاذ صبر لمنافعه فإننا هنا نقضي الليالي الممطرة مستيقظين في أغلب الأحيان أو شبه نائمين نترقب أن تغمرنا المياه على حين غرة كما حدث معنا أكثر من مرة ، حتى أن أطفالنا يغيبون عن الدراسة لأكثر من يوم بسبب البلل الحاصل لملابسهم و مقرراتهم الدراسية"
وتضيف "أما في فصل الصيف فإننا نعاني الأمرين بسبب الحرارة وندرة المياه واتتشار العقارب وغيرها من الحشرات السامة " .
إنه في الوقت الذي تمضي فيه مدن كثيرة إلى تنزيل مشاريع هادفة إلى إعادة إيواء القاطنين بدور الصفيح يستغل ملف "دوار الصخر" بمدينة حد السوالم في الحملات الانتخابية كورقة رابحة لاستمالة أصوات ساكنة واحد من أكبر التكتلات السكنية بالمدينة ، وتغيب الإرادة السياسية الحقيقية في خلق بديل يحترم خصوصية الوضع.