بلغة فرنسا.. الحكومة توجه آخر طعنة قاتلة للتعليم بالمغرب
بقلم : نبيل بكاني
بعد أربع سنوات من الاشتغال على إعدادها، أفرجت وزارة التربية الوطنية في حكومة سعد الدين العثماني، على "المنهاج التعليمي" الجديد، الذي روجت له بعض الأطراف على أنه سيحدث ثورة تعليمية ستُنهي عهودا من التراجع والفشل التعليمي والعلمي بدأ منذ بدايات الاستقلال.
المنهاج التعليمي، شمل اللغة العربية والفرنسية والرياضيات والنشاط العلمي. وقبل أن نتطرق لصلب الموضوع، لابد من التذكير بهذه "الأبيات الشعرية" الفرنسية الخالدة:
"قالت حكومة فرنسا، التي لا يهمها في الدنيا سوى مصلحة مواطنيها، أنها مُقبلة على اتخاذ خطوات من شأنها تقوية حضور اللغة الانكليزية لدى الطلبة لإعدادهم لغزو العالم".
{ من الخطوات التي وعدت بها حكومة باريس جعل تخطي اختبار شهادة دولية معترف بها في الانكليزية إلزامية على الطلبة في المرحلتين الثانوية والجامعية، تتكفل الدول بالإنفاق عليها }.
"قال رئيس الوزراء الفرنسي ادوار فليب إن الانكليزية حاليا هي اللغة الأوسع في مجال التواصل بين الشعوب.. وأضاف مخاطبا الشاب الفرنسي: عليك أن تتحدث بها (الفرنسية) إذا أردت الانخراط في العولمة".
ختم فليب كلامه في مؤتمر شبابي متحدثا عما سبق ذكره: "لدي قناعة بأن تلك الإجراءات ستحدث تغييرات كبرى ستساعد المزيد من الفرنسيين على الخروج لغزو العالم". (انتهى "الشعر").
وفيما وعد المسئول الحكومي الفرنسي ب"غزو العالم"، لم نسمع أي كلام مماثل من رئيس حكومتنا المنتمي للحزب الإسلامي الذي ملأ الدنيا ضجيجا، سنوات المعارضة، متهما الحكومات السابقة، بتكريس التبعية لفرنسا، هذا وقد كانت وقتها، تُدرس اللغة الفرنسية بدء من القسم الثالث، بينما الحزب كان يطالب بانفتاح شامل على العالم من خلال الاهتمام باللغة الانكليزية..
حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، ومنذ رأت النور، أكدت بما لا يدع للشك مجالا، أنها تلميذ مطيع للمؤسسات الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد وباقي الشركاء المهيمنين، ولذلك لم تتورع في إنهاك القدرة الشرائية والمعيشية والصحية للمواطن. ولكي لا تترك لأصدقائها الفرنسيين واللوبيات الفرنكو- اقتصادية المهيمنة في المغرب، أي مجال للشك في إخلاصها، سارعت إلى خلط تركيبة رديئة تهدف إلى إنقاذ لغة فرنسا من موت بات على وشك أن يطرق أبوابها، وذلك عبر الإجهاز على حق الطفل المغربي في إتقان اللغات الأكثر انتشارا في العالم، وهو حق مكتوب في الدستور، وضرب مستقبله، من خلال ترسيخ وتعميق شعوره بالتبعية المُذلة، والانغلاق اللغوي الذي فرضته اللغة الفرنسية المحدودة الانتشار، وذلك بشكل رسمي، بواسطة "المنهاج التعليمي" الجديد أو ما يُعرف في العديد من الأوساط بـ"المنظومة التعليمية" الذي لم يظل لواضعيه سوى رفع اللغة الفرنسية إلى مرتبة القداسة بكثرة ما أفحموها بجمل الإطراء والتفخيم والتعظيم، ومن خلال ترقيتها، وذلك بإدراجها في القسم الأول ابتدائي وما فوقه.