بقلم التهامي حبشي : حمى الكتابة البيوغرافية...(الحلقة الثانية)
برشيد نيوز : بقلم التهامي حبشي
2ــ التاريخ ليس هو الذاكرة..: إن الذاكرة الفردية أو الجماعية تبقى مجرد وجهة نظر عن الماضي، مجرد شهادة ذات سمات ذاتية أو رمزية، تفتقر إلى جهاز مفاهيمي وعدة نظرية و حقل ميداني يؤطرها ويوجهها، كما هو الشأن في التاريخ، كعلم اجتماعي أو حقل معرفي إنساني. فالتاريخ اشتغال مفاهيمي وبناء موضوعاتي وإشكالي، يقوم على المعالجة المنهجية وعلى " ترتيب الماضي" بعبارة رائد مدرسة الحوليات الفرنسية لوسيان فيفر (Lucien Febvre). التاريخ عملية بناء وإعادة بناء، كتابة وإعادة كتابة، صياغة وإعادة صياغة لهذا الماضي، وذلك انطلاقا من سلسلة عمليات منهجية متداخلة، وبالاستناد إلى آليات الجمع و التحليل ، والنقد والتأويل. التاريخ ترتيب وبناء لا يتأتى إلا بجهد نظري/ ميداني لإقامة الحجة التاريخية والمقارنة الموضوعية، والبرهان الوثائقي، والتفسير السببي، والفهم الشمولي..، بناء على مبدأ تداخل العلوم الاجتماعية، من تأريخ وتدوين، وأرشيف ومخطوط، وأدب شعبي وشفاهي ، ولغات ولسانيات، وعلوم للنفس والاجتماع و الإناسة والعلامة، والاقتصاد والقانون والسياسة..، وذلك لصعوبة تمثيل حدث مضى وفات، واستعصاء قياس الغائب على الشاهد، ولربما هذا ما دفع بالمؤرخ الفرنسي بول فين (Paul Veyne) ، المتخصص في تاريخ روسيا القديمة وأستاذ التاريخ بالكوليج دو فرانس، إلى القول بأن التاريخ هو "العلم الاجتماعي الوحيد الذي لا يتحكم فيه صاحب الاختصاص وحده، لأن التاريخ هو تناول متعدد، فبالإضافة إلى التناول الجامعي المتخصص الاحترافي والأكاديمي، هناك أيضا التناول المدرسي التعليمي الديداكتيكي أو البيداغوجي للتاريخ، وكذا التناول الإعلامي للتاريخ، من حيث المقالات الصحفية والأشرطة الوثائقية (تاريخ اليومي)، ومن حيث استعمالات الماضي لدى عامة الناس..". إن القارئ، ينتظر من المؤرخ تفكيك تعقيدات الماضي البعيد أو القريب، ومساءلة هذا الماضي والسعي إلى فهمه وتفسيره، انطلاقا من النقد والحجة، والاحتمال والنسبية، لإعادة بناء نسق التحولات والاستمراريات الزمنية وعلية/سببية الأشياء والوقائع والأحداث، بعيدا عن كل أشكال التبرير أو التحريض أو أحكام القيمة المسبقة (الدوكسا/ Doxa)، وبمنأى عن كل النزعات الشوفينية الدوغمائية المتعصبة لعرق أو مجال، أو جهة أو دين، أو قبيلة أو عشيرة، أو حزب أو زاوية...هناك فرق أساسي بين التاريخ، كإنتاج لسرد تاريخي ينفتح على معرفة بالماضي من جهة، وبين الذاكرة الفردية والجماعية من جهة ثانية. فالذاكرة شكل من أشكال التعرف على الماضي الذي يسير على خطى التحري والتحقيق، ولكنها، هي قبل كل شيء، عملية إعادة بناء لجزء من الماضي، جزء منتقى بشكل عفوي. و الهدف من إعادة بناء هذا الجزء من الماضي العفوي، ليس هو المعرفة التاريخية في حد ذاتها، وإنما هو محاولة للبحث عن هوية ما. فالذاكرة تساهم بشكل جلي أو خفي في تشكيل أو تكوين، أو في تقوية ودعم هوية جماعية، جريحة، مغبونة أو مهمشة، ضائعة، مشتتة أو مفقودة (ذاكرة مدبرة حسب ب ريكور). وبالتالي، فإن عمليات الانتقاء التي تقوم بها الذاكرة، تهدف إلى تحقيق فعالية في الحاضر كما في المستقبل، وهي عمليات مشرعنة بالبحث عن الهوية داخل جماعة أو عشيرة معينة، وأكثر من ذلك هي "محاولة لإنتاج وإعادة إنتاج معرفة محددة عن الماضي داخل هذه الجماعة أو العشيرة" بعبارة المؤرخ البلجيكي أستاذ التاريخ الجديد بجامعة لياج، فيليب راكسون (Philippe Raxhon). تسعفنا الدراسات والتحليلات السيكوسوسيولوجية (علم النفس الاجتماعي) في الوقوف على ما يسميه مهندس الإعلاميات و رئيس تحرير مجلة "ندوات سياسية" ومجلة الهجرة ببلجيكا، الكاتب هنري غولدمان (Henri Goldman)، ب "ميكانيكا الذكرى" أو ميكانيزمات التذكر/الاستذكار، انطلاقا من طرح الأسئلة البديهية التالية: لماذا نتذكر بعض الأشياء دون الأخرى؟ لماذا ننسى بعض الأمور ونتذكر أخرى؟. وعبر مسار الاستذكار وسلسلة التكرار، فإننا لا نتذكر الحادثة أو الواقعة نفسها كما هي، بل نتذكر ذكرى الواقعة أو ذكرى التذكر نفسه..وهكذا ذواليك تدور آلة أو ميكانيكا أو رحى التذكر...والمؤرخ السوسيولوجي الحاذق هو الذي يتمكن من إنجاز عملية ترتيب وتصفيف وتصنيف للذكريات والذاكرات....وبناء على ذلك، يمكننا التمييز بين عدة أشكال من الحقيقة: حقيقة طبيعية، حقيقة تاريخية، حقيقة واقعية، وحقيقة خيالية..كنتاج لتعاقد يمر بين المرسل والمتلقي للسرد الإخباري، وبالتالي، فإن الشهادة لا تنقل إلينا الوقائع أو الأحداث بشكل خام، بقدر ما تنقل إلينا خطابات وترجمات ذاتية عن هذه الأحداث، خطابات ناشئة عن وجود مسافة زمنية وسيكولوجية بين السارد أو الراوي و فترة الوقائع المروية..، كما أن السرد التاريخي، كمجال للصراع والتنافس، تكون فيه الكتابة الذاكرية، بكثافة خطابها السياسي، رامية إلى إعادة بناء المشروعية التاريخية والوطنية ( كرأسمال رمزي ، بعبارة بيير بورديو).
لقد أقام المؤرخ المغربي عبد الله العروي نوعا من المقارنة بالتماثل بين المؤرخ والقاضي، من حيث أن كلاهما يشتغل على الشهادة للوصول إلى الحقيقة،أي الشهادة البشرية والشهادة المادية (الصامتة) في إصدار الأحكام القضائية والتاريخية. " فمفهوم الشهادة واحد عند القاضي والمؤرخ وطرق التحري والتمحيص واحدة أيضا، وهما مع يستعملان التواتر والإجماع كحجة، وهو ما يعني أن التطابق يقوي الشهادات، إن لم يكن هناك تواطؤ مسبق أو اتفاق على الكذب". إلا أن الاعتماد على الشواهد أو الشهادات المقنعة، لا يحرر أحكام القاضي، كما المؤرخ من قفص الذاتية، وبالتالي يبقى الأخذ بالشهادة من عدمها عند كليهما يتأرجح ما بين التفاضل والتجاوز والتدارك، وأحيانا ما بين التزامن والتماثل، ومن هنا لا عيب أن يأخذ القاضي بإقرار المتهم، لكي يحكم أو يعفو، كما لا عيب أن يأخذ المؤرخ بالرواية الشفوية، فيصحح أو يؤكد واقعة ما. ومن منظور آخر أكثر عمقا واختلافا، يرى الفيلسوف الفرنسي المعاصر بول ريكور (Paul Ricoeur) أن " القاضي هو الذي يحاكم ويعاقب، والمواطن هو الذي يناضل من أجل النسيان، ومن أجل إنصاف الذاكرة، بينما تكمن مهمة المؤرخ في الفهم دون اتهام أو تبرئة.)). فالذاكرة تقتضي الإفصاح والمصارحة، في سبيل تحقيق الإنصاف والمصالحة، أي الانتقال من الذاكرة الفردية/ الجماعية، إلى الذاكرة التاريخية/الجمعية، من ذاكرة الفرد والجماعة إلى ذاكرة الوطن والأمة، كذاكرة مشتركة بين مختلف مكونات المجتمع والدولة، مجمل كل الذاكرات الجماعية. ذلك أن الذاكرة أو الشهادة التاريخية تقترن بإعادة بناء المخيال الاجتماعي وخروج المكبوت الجمعي، من حيث اشتغالها من منظور الواجب تحت شعار " حتى لا يتكرر هذا" وغالبا ما تخضع لتوجهات سياسية وأخلاقية من أجل بناء التجانس والالتحام ( دولة الوحدة الوطنية)، ذلك أن جوهر أمة ما ينشأ عندما يتقاسم أفرادها أشياء كثيرة، وأيضا عندما يتمكنون من نسيان أشياء مثيرة". و بذلك، تكون الذاكرة ليست هي التاريخ، كل التاريخ، بل هي جزء يسير من لبنات صرح التاريخ..، وحتى وإن بدت الذاكرة ـ بحكم التصاقها بالناس ــ أكثر وقعا من التاريخ، بالقياس إلى درجة تأثيرها على أوساط عامة الناس، مع ما تختزنه ذاكرة هؤلاء من أحكام مسبقة موروثة جيلا عن جيل، فإن التاريخ، كما يقول مؤرخ الذاكرة الفرنسي المعاصر بيير نورا( Pierre Nora)، " ينتج كثيرا لكنه لا يقنع إلا قليلا، ليس فقط من حيث التلقي لدى المتمدرسين، بل حتى لدى جمهور المثقفين"، ملاحظا ــ على سبيل المثال ــ كيف أن خزانات بأكملها حول بطلان العنصرية، لم تتمكن من التغلب على الأحكام العنصرية المسبقة. ولنا في المجتمع المحلي دليل آخر على هذا الطرح، إذ كيف لم تستطع كل مؤلفات عميد التاريخ والفكر المغربي المؤرخ والمفكر عبد الله العروي، حول مفاهيم العقل والحرية، والأدلوجة والإصلاح والحداثة...أن تتغلب على براثين الجهل والعبودية والتقليد والمحافظة والرجعية...ولهذا نجد عبد الله العروي يرى في رسالة صوتية بعث بها إلى أشغال ندوة فكرية، في موضوع أثر كتاب الإيديولوجيا العربية المعاصرة في الفكر العربي، نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن امسيك بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء يوم الأربعاء 15 نونبر 2017، بمناسبة مرور 50 سنة عن صدور هذا المؤلف ( صدر باللغة الفرنسية سنة 1967 وترجم إلى العربية سنة 1970) ـ يرى أن مؤلفه هذا "فشل في إحداث الأثر المرجو من مضامينه في الواقع المعيش، وذلك على الرغم من أهمية التاريخ الحاضر فينا بماضيه وحاضره ومستقبله، إذ أن التاريخ أخذ ورد".فإلى أي حد نحن أمام تجديد على مستوى قراءة الحدث؟ وكما يقول المؤرخ الفرنسي المتخصص في تاريخ الأدب اللاتيني في القرون الوسطى إدموند فارال (Edmond Faral) " التحفظ من التاريخ العريض، هو الذي يقتل التاريخ العريض".
3ــ الرهان البيوغرافي/الوهم البيوغرافي؟: من منظور ابستيمولوجيا التاريخ، تنبغي الإشارة إلى أن اعتماد الذاكرة الفردية أو سيرة الحياة (لبيوغرافياا/Biograhie) أو السيرة الذاتية (الأوتوبيوغرافيا/Autobiographie) كوثيقة أو رواية شفوية في الكتابة (التاريخية) الجديدة، أو ما بات يعرف بالتاريخ الشفوي (Oral History)، تدين بقوة لما يعرف اليوم في الغرب الأنجلوساكسوني باليسار الجديد، الذي يمكن التعرف عليه من خلال مجلة نيو ليفت(New Left Review) لسنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بباحثيها وكتابها المتعددي التخصصات، من ذوي التوجهات البيوغرافية والميولات المتزايدة نحو الأدب الشعبي والفن العامي، وصحافة اليومي.. إن هذه النزعة الراديكالية أو "الموضة الجديدة" التي تريد أن تنزل المؤرخ الأكاديمي و العالم الاجتماعي المتنزه من عرشه أو برجه العالي، تعتمد أساسا على الشعبية والشكية ( الشك العدمي بدل الشك المنهجي)، مقابل المعرفة الموضوعية المتحصل عليها عن طريق المعرفة الأكاديمية الرصينة والعالمة. ولكنها قد تؤدي إلى الوقوع في تطرف معاكس، يقدس ابتذال علم الاجتماع والتاريخ، لتحولهما إلى ممارسة ثقافية قمعية، بتجريدهما من أدنى معرفة موضوعية ممكنة، و تحويرهما أو تحويلهما التدريجي إلى مجرد أدب أو فن شعبي، بل إلى مجرد تقارير ذاتية شبه صحفية، مغرقة وغارقة في الاستسهال والسطحية، وفي مطبخ الأكلات )الثقافية( السريعة والجاهزة ( Fast Food) أو ثقافة العلكة(Kitch) الاستهلاكية واليومية. وفي كلا الطرحين تفقد العلوم الاجتماعية ( التاريخ والاجتماع بالخصوص) توازنها ورصانتها، باعتبارها علوم إنسانية تنشد الموضوعية والشمولية، انطلاقا من المعالجة المنهجية و"ترتيب الماضي" كما يقول لوسيان فيفر، واعتمادا على منهجيات التحري و الاستدلال بالحجة، مع التمحيص و المقارنة والتطابق أو المماثلة، كما يقول العروي.
و بدون الذهاب مع المؤرخ مارك فيرو(Marc Ferro )، المتخصص في تاريخ روسيا والسينما والمدير المساعد بمدرسة الحوليات الفرنسية، إلى حد اعتبار البيوغرافيا أو سيرة الحياة معيقة للتاريخ والسوسيولوجيا معا، يمكن القول بعبارة فريديريك نيتشه (Friedrich Neitzsche) أن هذه الكتابة الجديدة تنطوي على مقدار كبير من الخيانة. ولهذا نفهم جيدا كيف أن الجيل الثاني من مدرسة الحوليات التاريخية قد رفض الاعتماد على البيوغرافيا، مثلما رفض الارتكاز على مفهوم الحدث أو الواقعة، معتبرا إياها إحدى الأصنام الثلاثة غير المفيدة في فهم معنى التاريخ. ولذلك ليس غريبا أن نجد كيف أن هذا الكسوف البيوغرافي، قد انتقل من ميدان التاريخ إلى ميادين علم الاجتماع والأنثروبولوجيا واللسانيات.. ولعل الموقف الأكثر راديكالية في هذا النقد اللاذع لسيرة الحياة، يعود إلى عالم الاجتماع الفرنسي الراحل بيير بورديو(P.Bourdieu) الذي كتب سنة 1986 مقالة سجالية علمية شهيرة تحت عنوان :"الوهم البيوغرافي"، عبر فيها عن أسفه واستيائه من عودة هذا النوع المشكوك فيه من المعرفة، معتبرا أن سيرة الحياة من بين المقولات التي دخلت من جديد إلى عالم المعرفة الاجتماعية عن طريق التهريب ــ بدون طبول ولا مزامير ــ عند الإثنولوجيين أولا، ثم عند السوسيولوجيين ثانية.. ولعله من بين الأسباب التي جعلت مهنة البيوغرافي أسوء مهنة في ميدان التاريخ والسوسيولوجيا، الطابع المهيمن لهذا النمط من الكتابة الكسولة والخمولة، وتعدد العوائق الملازمة له، حتى شبه البيوغرافي (كاتب سيرة الحياة) بعازف البيانو في ملهى ليلي، على حد تعبير المؤرخ فرانسوا دوس (François Dosse) في مؤلفه ( الرهان البيوغرافي: كتابة الحياة)، فكان الحذر الإبستمولوجي (بلغة المفكر الفرنسي غاستون باشلار/ Gaston Bachelard)، من هذا النوع من الكتابة المحفوف بالشكوك والمخاطر التخديرية، السبب في حصول قطيعة ابستمولوجية بين التاريخ والبيوغرافيا، لدرجة أن مؤرخي مدرسة الحوليات الفرنسية تخلوا عن هذا النمط من الكتابة الذاتية، تاركين إياه للروائيين (كتاب الرواية)، لأنه في نظرهم ينهل من معين الكتابة الأدبية أكثر ما ينهل من معين الكتابة التاريخية أو السوسيولوجية.
*بيبليوغرافيا*:
(1) لوسيان فيفر، يعيش التاريخ، الأرض والتطور البشري (في جزئين)، ترجمة" محمد السيد غلاب، المركز القومي للترجمة، ط1، القاهرة، 2015.
(2) كي بودي، مدرسة الحوليات، ترجمة: مصطفى الناجي، مجلة أمل، العدد الأول، سنة 1992.
(3) جاك روفي، تاريخ العقليات، ترجمة: محمد حبيدة، مجلة أمل، العدد7، سنة 1996.
(4) خالد طحطح، البيوغرافيا والتاريخ، دار توبقال للنشر، ط1، الدار البيضاء،2014.
(5) مولاي عبد الحكيم الزاوي، جدل التاريخ والذاكرة في الإسطوغرافيا المغربية، حفريات في الذات المغربية المقهورة بلون السياسة، شبكة ضياء للمؤتمرات والدراسات، على النت، 2016. https://diae.net/33157/ زيارة بتاريخ 29/05/2018 للموقع.
(6) عبد الله العروي، درس افتتاحي في موضوع "المؤرخ والقاضي"، مدرج عبد الله العروي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء، الخميس 11 أكتوبر، 2012.
(7) Lucien febvre, Vivre l’histoire, édition établié par Brigitte Mazon,Ed.Robert Laffont,Paris,2009.
(8) Philippe Raxhon, La Mémoire de la Révolution Française en Belgique,Ed.Labor,Bruxelles,Liège,1996.
(9) Paul Veyne, Comment on écrit l’histoire ?:Essai d’épistémologie, Ed.Seuil,Paris,1970
(10) Henri Goldman, oublier Jérusalem ? une approche d’Israèl du Sionisme et de l’identité juive, Ed.Labor,2002 .
(11 Pierre Bourdieu, »L’illusion biograhique » in Giovani Levi , Les usages biographiques
(12) François Dosse, Le Pari biographique, Ecrire une vie,Coll.La découverte/ Poche,Paris,2011.
, Ed.le seuil, Paris,2000. (13) Paul Ricoeur, La mémoire, L’histoire ,L’oubli
(14) Pierre Nora, Les lieux de mémoire, 3tomes,Ed.Gallimard,Paris,1994