ملاحظة الانتخابات .. آلية ترصْد الخروقات داخل مكاتب الاقتراع
ملاحظة الانتخابات .. آلية ترصْد الخروقات داخل مكاتب الاقتراع
برشيد نيوز: عن هسبريس
مع انطلاق العدّ العكسي لموعد الانتخابات التشريعية المرتقب إجراؤها يوم 7 أكتوبر القادم، شرعتِ الهيئات المدنيّة المغربيّة التي دأبتْ على مُلاحظة الاستحقاقات الانتخابية، منذ أسابيع، في التحضير للانتخابات القادمة؛ في حين يُتوقّع أنْ يصل عدد الهيئات المشرفة على العملية إلى 37، منها 6 هيئات دولية، يمثلها 4000 ملاحظة وملاحظ.
تمثّل عملية ملاحظة الانتخابات عنصرا أساسيّا في تعزيز شفافيّتها، وتقليص الخروقات التي قد تصدر عن الأطراف السياسية المتصارعة، لكنّ ذلك لا يعني أنَّ عملَ الملاحظين وحده كفيل بضمان إجراء الانتخابات في أجواء شفافة ونزيهة، بل يساهمُ في تطوير هذه الشفافية، حسب أبو بكر لاركو، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان.
"ملاحظة الانتخابات تساهم في تطوّر شفافيّتها، ولا يمكن القول إنّها يمكن أن تفعل كلَّ شيء، وأنْ تجعل، وحدها، الانتخابات شفافة مائة في المائة"، يقول لاركو في تصريح لهسبريس، مشيرا إلى أنّه "حتى في الدول المتقدمة ذات الديمقراطية العريقة مازالتْ هناك ملاحظة للانتخابات"؛ ومؤكّدا أنَّ "الأهمّ هو أنّ الملاحظة تكرّس التطوّر المستمر لشفافية الانتخابات".
في التقرير النهائي لمشروع ملاحظة الانتخابات الجماعية والجهوية الماضية في جهة فاس/مكناس، باستخدام عيّنة عشوائية، أكّد النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات أنّ "رصد الانتخابات بشكل حيادي ودون تحيّز يُعتبر إحدى الضمانات الأساسية والآليات المهمة التي تساهم في إقامة انتخابات سليمة وحُرّة وشفافة، على أساس احترام حرية الرأي والاختيار".
كما أكّد النسيج ذاته، في تقريره، أنّ "أداء مهمّة ملاحظة الانتخابات تُوجب على الكيانات التي ستضطلع بها، مهما كانت درجة تنظيمها ومصداقيتها، أنْ تستوفي عددا من الشروط المسبقة، مثل تكوين المؤطرات والمؤطرين، والملاحظات والملاحظين في تقنيات الملاحظة، والتأكّد من المعرفة الكاملة بمهمّة الملاحظة والالتزام بميثاق أخلاقيات ومدوّنة السلوك".
وتتكلّف لجنة مشكّلة من أعضاء يمثلون السلطات، ومؤسسات عمومية، بدراسة الطلبات التي تتقدّم بها الهيئات الراغبة في انتداب ملاحظين للإشراف على مراقبة الانتخابات. وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان باشر يوم 11 يوليوز الماضي برنامجا لتكوين الملاحِظات والملاحظين المعتَمدين لملاحظة الانتخابات التشريعية القادمة، مستهدفا 2200 ملاحظة وملاحظ.
غيرَ أنَّ حضورَ الملاحظين داخلَ مكاتب التصويت إبّانَ الاقتراع لا يعني انتفاءَ أيّ احتمال لحدوث خروقات، إذ سجّل التقرير الذي أعدّه النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات الجماعية والجهوية الماضية أنَّ 8% من مراكز الاقتراع في جهة فاس/مكناس كانت بالقرب منها دعاية انتخابية؛ في حين أنّ الدعاية الانتخابية جرَتْ داخل 5% من مراكز الاقتراع، بينما جرى رصْدُ حالات تهم توجيه الناخبين لصالح مرشّح معيّن في 7% من المكاتب.
رغم ذلك، يرى أبو بكر لاركو أنَّ وجود ملاحظين داخلَ مكاتب الاقتراع "يجعل الناس يحتاطون"، مضيفا: "الملاحظون يلعبون دورا تربويا يردع كثيرا من الناس اللي يْمكن يْمشيو هاكّْ ولا هاك، وهذا يطور العملية الانتخابية".
ولا يتمتّعُ ملاحظو الانتخابات بأيّ حقٍّ للتدخّل في حالِ حصول خروقات داخل مكاتب الاقتراع.. "لا يمكننا أن نتدخّل، لأنّ من له صلاحية التدخل حين يكون هناك خلل هم المراقبون المنتدبون من طرف الأحزاب، بيْنما يقتصر دور ملاحظي الهيئات المدنية على تسجيل الخروقات المرصودة، وتبليغ الهيئات التي انتدبتْهم، وليس السلطات"، يوضّح لاركو.
وبناء على ما رصده الملاحظون، تُقدّم الهيئات المنتَدِبة لهم مُلاحظاتها إلى السلطات المعنية. وقال رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التي دأبتْ على ملاحظة الانتخابات في المغرب منذ سنة 1997، في هذا السياق، إنّ "الملاحظات التي تقدمها الهيئات المدنية قد لا تؤخذ جميعُها، ولكن هناك ملاحظات جوهرية يتمّ أخذها بعين الاعتبار، وتتبّناها السلطات، وهذا ما يجعلنا نتقدم إلى الأمام".
غيرَ أنَّ سماحَ السلطات المغربية لهيئات مدنيّة بانتداب ملاحظين لمراقبة الانتخابات بعد دراسة طلباتها من طرف اللجنة المكلفّة، والتي يرأسها الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لا يعني أنّ بابَ الملاحظة مفتوح أمام جميع الهيئات الوطنية والدولية؛ ففي شهر غشت الماضي قدمتْ مؤسسة "كارتر" الأمريكية طلبا لملاحظة الانتخابات التشريعية القادمة، لكنّ المغرب لمْ يُبْد ترحيبا بهذا الطلب.
في المقابل، يقول أبو بكر لاركو، انطلاقا من تجربة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان: "لم يسبق أن تعرّضنا لأي ضغط"، عازيا سببَ سلاسة الأجواء التي يؤدّي فيها الملاحظون الذين تنتدبهم المنظمة إلى "التزامهم بحدود صلاحياتهم"، وزاد: "نحن لا نتدخل في ما لا يعنينا.. دورنا هو القيام بعملية الرصد، ولا ندخل في مواجهة مع أحد".